يوم الحب في مصر.. مواقف وطرائف واحتجاج على الأفكار المستوردة
زوج يصرخ: كفاية دببة.. وآخر أهدى زوجته أنبوبة بوتاغاز
<TABLE width=380 border=0>
<TR> <td align=middle></TD></TR> <TR> <td class=caption>هدايا مختلفة بمناسبة يوم الحب</TD></TR></TABLE> |
القاهرة: أحمد الغمراوي
تتفاوت أصداء يوم الحب بين المصريين، وتتدرج مواقفه وطرائفه وألوانه، مع بداية شهر فبراير (شباط)، فمن اللون الأحمر بدرجاته المختلفة، إلى الزهري الفاتح (البمبي) استعدادا للاحتفال رسميا به في الرابع عشر من الشهر الحالي.
واجهات المحال تزدحم بالدمى على شكل الدببة القماشية الوردية، فيما تتفنن محلات الزهور في تنسيقها في صحبات مبهجة، كما تنشط المتاجر المتخصصة في لف الهدايا وتتفنن في تكوين أشكال جديدة ومبتكرة.
وعلى الرغم من أن لمصر احتفالا خاصا «للحب» يوافق يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني)، دعا إليه الكاتب الراحل مصطفى أمين، فإن المصريين يحتفلون باليومين معا، عملا بالمثل الشعبي القائل: «زيادة الخير خيرين!»، فالشباب المصري يحتفل بيوم الرابع عشر من فبراير على سبيل المشاركة في الاحتفال العالمي، بينما يحتفل في يوم الرابع من نوفمبر على سبيل الانتماء المحلي. يقول كريم سعيد، محام (34 عاما): «أعتبر أيام يوم الحب فرصة للخروج من نمطية الحياة وكسرا لحدة القسوة الواقعية اليومية، ففي هذين اليومين، أنتهز الفرصة لأعبر لزوجتي عن حبي واحترامي وتقديري لدورها المميز في حياتي، وهو الأمر الذي قد يغيب عني في باقي أيام العام نظرا لانشغالي في دوامة الحياة».
وخلف ستار المهرجان الاحتفالي، يقف آلاف من الجنود المجهولين لخدمة المحتفين بيوم الحب، من باعة الورود والهدايا إلى القائمين على الخدمة في المطاعم والمقاهي، والمنتديات العامة، ولا يجد هؤلاء الفرصة للاحتفال مع شركائهم باليوم، فكثير من هؤلاء البسطاء يظلون في العمل من الصباح حتى المساء، حتى يعود ليرسم البسمة على شفاه زوجته أو أبنائه بالقليل من الجنيهات التي اكتسبها من كدّ هذا اليوم.
وتحتل الزهور بأنواعها وألوانها، خاصة درجات اللون الأحمر، صدارة الهدايا المتبادلة بين المحبين في هذا اليوم، حتى إن إحدى الإحصاءات التي أجريت أشارت إلى أنه في عام 2006 وصلت قيمة حركة بيع الزهور في يوم الحب إلى ما قيمته 6 ملايين جنيه مصري (أكثر قليلا من مليون دولار)، وهو ما يمثل 10 في المائة من إجمالي حركة تجارة الزهور السنوية في مصر.
ويشير محمد عبد السلام، أحد تجار الورود، إلى أهمية هذه المناسبات في تجارته قائلا: «نعتبر هذه الأيام من أيام السعد لدينا، فنحن نحقق مبيعات قد تصل إلى خمس إيرادنا السنوي في هذين اليومين، فالكل يتسابق لشراء الورود، التي قد تنفد قبل نهاية اليوم، على الرغم من استعدادنا قبلها بفترة، وقد نظل نحيا على ريع هذا اليوم لفترة طويلة بعد ذلك».
وعن المغالاة في أسعار الورود في هذا اليوم، يعلق عبد السلام: «المسألة عرض وطلب، ففي باقي أيام العام يكون الطلب أقل بكثير، ونخفض من أسعارنا مجبرين حتى نتمكن من الحفاظ على تجارتنا، أما في الأعياد، فأعترف بأننا نرفع سقف الأسعار قليلا حتى نحقق بعض المكاسب».
«الدببة القماشية» ترتبط في ذهن الجميع بيوم الحب، فتجد أن المحبين يتبادلونها دون أن يعرف أحد على وجه التحديد سر هذا الارتباط، ويحاول الدكتور محمد رشدي، أخصائي الأمراض النفسية، أن يفسر مثل هذا الارتباط قائلا: «ترتبط الدببة باللعب في الطفولة وأحلامها وبراءتها، وعلى ذلك يتبادلها المحبون على سبيل دغدغة المشاعر الطفولية البريئة، كما أنها تحمل رسالة أخرى ممن يهديها مفادها أنك (طفلي) وسوف أرعاك وأهتم بأمرك، كل هذا، إلى جانب اللون الأحمر طبعا الذي يعكس العواطف الجياشة». وفي يوم الحب تمتلئ المراكز التجارية بالحركة، وتكتظ بالمشترين الذين تتنوع اهتماماتهم ما بين الهدايا، كالساعات والإكسسوارات، والعطور أو حتى الملابس، وتقوم بعض العلامات التجارية العريقة بإنتاج نسخ خاصة من منتجاتها لهذا اليوم، تحمل اللون الأحمر وعبارات الحب والقلوب بأشكالها المختلفة.. يقول ناصر محمود، مدير أحد المراكز التجارية الهامة بالقاهرة: «نقوم بالاستعداد لهذه المناسبات بتزيين المركز التجاري بصورة خاصة موائمة لكل مناسبة، كما أن المحال تبدأ في عرض المنتجات الخاصة التي تعبر عن معاني الحب، أما بالنسبة للحركة التجارية، فهي بالطبع تروج في الأعياد أكثر من غيرها، وتكون محال الزهور والهدايا هي الفائز الأكبر في هذا اليوم». وللمطاعم أيضا نصيب كبير في «كعكة» يوم الحب، فبعض المطاعم يكون محجوزا بالكامل في هذا اليوم منذ الأول من فبراير، وتستعد المطاعم استعدادات خاصة للمناسبة كما يخبرنا عادل منسي، مدير أحد المطاعم الراقية على نيل القاهرة قائلا: «ندعم قوائمنا الرئيسية بعدد من الأطباق والمقبلات والمشروبات الخاصة التي تنتمي لهذا اليوم، ويسود اللون الأحمر على المطعم بدءا من الزينة الخارجية وحتى ألوان الطعام والشراب، ويكون معظم رواد المطعم في هذا اليوم من المتزوجين الذين ينتهزون الفرصة لإعادة بث المشاعر الدافئة مع الطرف الآخر».
أما العاملون في المطاعم، فهم مجبرون على التواجد حتى ينتهي المحتفون من فرحتهم، فيقول سيد عبد الله، كبير الطهاة بأحد الفنادق: «أقضي اليوم في إعداد الأطباق المميزة للمحبين في هذا اليوم، ولكنني أحتفل بيوم الحب مع زوجتي على طريقتي الخاصة، حيث أعد لها بيدي صنفا خاصا من الحلوى التي تعشقها بشدة، أقدمه لها عند عودتي للمنزل، وتكون سعادتي غامرة حين تبتسم وتقول لي (كل حب وأنت طيب.. يا راجل يا طيب) على رأي الفنانة صباح».
وعن ميزة هذا اليوم واختلافه عن باقي أيام العام، يقول أسامة فهمي (40 عاما) محاسب: «أعتبر هذا اليوم فرصة لتصفية (الحسابات السنوية) بيني وبين زوجتي، فمشكلات الحياة ومنغصاتها كثيرا ما تجرح علاقتنا، ولذلك نستغل تلك الفرصة لـ(نُسوي) الأوضاع، فآخذها للطعام خارج المنزل، ونتبادل الهدايا، وننسى أي خصام بيننا».
على الجانب الآخر، يرى عماد شوقي، موظف (50 عاما)، أن هذا اليوم بلا فائدة قائلا: «هذه الأعياد والأفكار المستوردة من الخارج لا فائدة منها، إنها فقط تزيد من أعباء المعيشة وضغوطها، فلو خرجت مع زوجتي أو اشترينا الهدايا لبعضنا، اختلت ميزانية البيت وعانينا باقي الشهر من نقص الموارد، أما لو جلسنا بالمنزل من دون هدايا، فإنها (تضرب بوز) و(تنكد علي) لأنني حرمتها مما يوفره أي زوج (محترم) لزوجته، هذا هو ما جنيناه من الثقافة الغربية، دائما أسوء ما فيها!».
يسانده في الرأي، وإن اختلفت المفاهيم، رامي محمد، طبيب (30 عاما)، قائلا: «في كل عام يجب أن أتبادل الهدايا مع خطيبتي في أعياد الحب، ونحن مخطوبان منذ 3 أعوام، امتلأت حجرتي بالدببة الحمراء، فإذا قلت لها كفاية دببة وهدايا اتهمتني بالبخل، المشكلة الرئيسية هي أنني أكره هذه الدببة، ولكني لا أجرؤ على التخلص منها، فلو فعلتها لكانت ليلتي أسود من ليالي النابغة الذبياني!».
أما أطرف الهدايا التي تلقتها زوجة من زوج في هذا العام كما ذكرت بعض وسائل الإعلام المصرية، فهي أنبوبة «بوتاغاز» وردية اللون تعبيرا من الزوج عن شدة حبه لزوجته وشعوره بالأزمة الرهيبة لأسطوانات الغاز! كما أن الزوجة بالتأكيد ستعرف مقدار حب زوجها، نظرا إلى أن ثمن مثل هذه الهدية حاليا يقدر بنحو 150 جنيها.